خمس سنوات بعد عملية "نبع السلام" أفق العودة الآمنة وسبل العدالة الممكنة
تقارير وبيانات
10/15/2024


في الثامن من تشرين الأول 2024، نظّمت عدة منظمات حقوقية وناشطة في مجال حقوق الإنسان حدثًا مشتركًا عبر الإنترنت بعنوان “خمس سنوات بعد عملية نبع السلام: أفق العودة الآمنة وسبل العدالة الممكنة”، وذلك لإحياء الذكرى الخامسة لعملية “نبع السلام” التي نفذها الجيش التركي وفصائل الجيش الوطني السوري في تشرين الأول 2019. هذه العملية أسفرت عن سيطرة تركيا وحلفائها على منطقتي رأس العين/سري كانيه وتل أبيض/كري سبي، مما أدى إلى تهجير أكثر من 150 ألف شخص، بينهم الكثير من النساء والأطفال.
الحدث تطرق إلى مواضيع مهمة تتعلق بأفق عودة المهجرين بشكل آمن وكريم، والبحث في السبل الممكنة لتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا الذين عانوا من الانتهاكات في المناطق المحتلة. وطُرحت قضية تحمل تركيا مسؤولياتها القانونية باعتبارها قوة احتلال، إذ تشير تقارير إلى أن هذه المناطق أصبحت مسرحًا لانتهاكات واسعة النطاق مثل القتل خارج نطاق القضاء، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والإخفاء القسري، والاستيلاء غير المشروع على الممتلكات، وعمليات التغيير الديمغرافي.
شارك في الحدث الذي نظمته كل من: رابطة "تآزر" للضحايا، و"سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، ورابطة "دار لضحايا التهجير القسري"، و"مبادرة دفاع الحقوقية"، ومنظمة "بيل - الأمواج المدنية"، نخبة من الخبراء والباحثين، منهم د. إيمي هولمز من جامعة جورج واشنطن، وشورش درويش الباحث السياسي، وهبة زيادين من هيومن رايتس ووتش، ومارك لاتيمر المدير التنفيذي لمنظمة سيزفاير، وإبراهيم حسين المحامي والناشط الحقوقي، وتم إدارة الجلسة من قبل الإعلامية شيرين إبراهيم مديرة المشاريع في رابطة دار لضحايا التهجير القسري، حيث تم مناقشة حلول قانونية ومجتمعية لمعالجة آثار الاحتلال وضمان حقوق المهجرين والضحايا.
آراء المتحدثين:
شورش درويش – كاتب وباحث سياسي
في عام 2019، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا وإجلاء حوالي ألفي جندي، مما أدى إلى اضطراب كبير في المنطقة. سريعًا، استغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الفرصة لتنفيذ اجتياح بري، متذرعًا بحماية الأمن القومي التركي بناءً على المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. هذه المادة تتيح للدول الدفاع عن نفسها في حال وقوع اعتداء، إلا أنه لم تسجل أي هجمات من قبل منطقة رأس العين أو القوات المتواجدة فيها على الحدود التركية أو الأمن التركي.
الاجتياح التركي يُعتبر عملية احتلال وفق القانون الدولي، حيث وصفت اتفاقية لاهاي لعام 1907 وجنيف الرابعة لعام 1949 وجود تركيا في سوريا كاحتلال. وعلى هذا الأساس، يجب على تركيا كسلطة احتلال أن تتحمل مسؤولياتها تجاه السكان المحليين، بما في ذلك كبح الفصائل العسكرية المتواجدة في رأس العين.
أسفرت العملية عن نزوح 138 ألف شخص من رأس العين فقط، ولم يعد 85٪ منهم إلى منازلهم، مما يشير إلى حدوث تغيير ديموغرافي. دعمت تركيا هذا التغيير بإسكان آلاف السكان من مناطق أخرى، بما في ذلك 72 عائلة تم توثيقهم على أنهم من عوائل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). هذا أدى إلى تغييرات جوهرية في التركيبة السكانية للمنطقة، حيث بقي عدد قليل من الأكراد والآشوريين. تصريحات المسؤولين وقتها، مثل الرئيس الأمريكي الذي قال إن على سكان رأس العين الرحيل جنوبًا، والرئيس التركي الذي صرح بأن المنطقة لا تناسب حياة الأكراد، تُظهر هذا التوجه.
منذ عام 2019 وحتى 2023، تم توثيق أكثر من 600 حالة انتهاك، بما في ذلك اعتقال أكثر من 600 شخص، بينهم نساء وأطفال، حيث قضى ستة منهم تحت التعذيب. بالإضافة إلى ذلك، خسر سكان رأس العين أكثر من مليون دونم من الأراضي الزراعية، وأكثر من 2200 محل تجاري وورشة صناعية، و5000 منزل سكني. هذه الانتهاكات تحدث يوميًا دون أي مسائلة قانونية، وتعمل تركيا بشكل ممنهج على إرهاب المواطنين الأصليين، من أكراد وعرب وسريان آشوريين، لمنعهم من العودة إلى منازلهم.
هذا الوضع يعكس سياسة تطهير عرقي ونهج إبادة، إلى جانب تغيير ديموغرافي منظم. تُنفذ تركيا هذه السياسة مستندة إلى خطاب رسمي منذ 2016 حول الأراضي التاريخية التي تعود لها في سوريا، وفقًا لاتفاقية عام 1925، والتي تتيح لها التدخل واحتلال مناطق مثل عفرين، رأس العين، وتل أبيض.
تسعى المنظمات الحقوقية إلى توثيق الانتهاكات اليومية في تلك المناطق، لكن الصعوبات في الوصول إلى هذه المناطق تجعل من توثيق جميع الانتهاكات أمرًا صعبًا. تركيا لا تعير اهتمامًا لقرارات المجتمع الدولي أو المنظمات الحقوقية، مثالًا على ذلك فصيل “الشرقية” المدرج على قائمة الإرهاب الأمريكية، الذي لا يزال يسيطر على المناطق المحتلة.
لفتح هذا “الصندوق الأسود”، يجب تكثيف الجهود لمتابعة الأوضاع في المناطق التي تحتلها تركيا. يجب على الأمم المتحدة ومجلس الأمن اعتبار تركيا دولة احتلال، وفقًا للمادة 51، التي تنص على ضرورة اتخاذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ الأمن والسلام الدوليين.
مارك لاتيمر: المدير التنفيذي لمنظمة سيزفاير
من الواضح أن منظور العدالة في سوريا قد تراجع مقارنة بعامي 2013-2014، حيث كان هناك أمل في تحقيق عدالة شاملة وتكاملية ضمن مرحلة انتقالية. تلك العدالة، التي كان من الممكن تحقيقها، كانت ذات معنى عميق، لكنها لا تزال بعيدة المنال في ظل استمرار الأوضاع الحالية. ومع ذلك، يمكن ملاحظة بعض التقدم البطيء والمهم في مسار تحقيق العدالة للسوريين المدنيين، مثل إصدار الأحكام ضد شخصيات متورطة في الانتهاكات، وهو ما حصل في ألمانيا بخصوص قضية التعذيب.
فيما يتعلق بمبادرات العدالة الجنائية والتعويضات، علينا أن نقيم بواقعية ما يمكن تحقيقه. من ناحية العدالة الجنائية، جرت محاولات في لاهاي لكنها لم تنجح حتى الآن. توقف مجلس الأمن عن تحويل القضايا إلى محكمة العدل الدولية بسبب الفيتو الروسي والصيني، بينما لا يزال النضال مستمرًا في جوانب أخرى مثل قضايا اللاجئين في الأردن. رغم ذلك، تم إحراز بعض التقدم خارج سوريا، حيث جرت محاكمات في مناطق الإدارة الذاتية وبعض الدول الأوروبية مثل فرنسا والسويد. كما توجد آليات دولية لتحضير القضايا المتعلقة بالجرائم المرتكبة في سوريا، لكن هذه الآليات لا تتولى المحاكمة نفسها. على سبيل المثال، تم تحضير 300 قضية ومشاركة معلوماتها مع جهات قضائية دولية. في فرنسا، صدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوري، إلا أن التقدم في هذا المجال لا يزال بطيئًا.
أما من حيث العدالة المدنية، فإن أكبر القضايا تتعلق بمسؤولية الدولة السورية كمؤسسة. على سبيل المثال، تم رفع قضايا في كندا وهولندا ضد النظام السوري، وصدر في بعض هذه القضايا أوامر مؤقتة تطالب سوريا بوقف التعذيب وحفظ الأدلة. ومع ذلك، قد تبقى هذه القضايا معلقة لسنوات. بالنسبة للمدنيين السوريين، الذين عانوا من انتهاكات حقوق الإنسان، فإن رؤية المحاكمات في لاهاي قد تمنحهم الأمل، لكن من المهم أيضًا التفكير في التعويضات، بما في ذلك الممتلكات وتعويض الناجين. هناك جهود مستمرة لتأسيس صندوق لدعم ضحايا التعذيب في سوريا، يعتمد على مصادرة ممتلكات النظام السوري أو الشركات التي ساعدت في انتهاك حقوق الإنسان، مثل الشركة الأمريكية التي حكم عليها بدفع 700 مليون دولار لتورطها مع داعش.
على الرغم من وجود فرص ومجالات للعدالة، يبقى الطريق طويلًا وشاقًا لتحقيق العدالة التي يستحقها الشعب السوري.
إبراهيم الحسين – محامي وناشط حقوقي
بهذه المناسبة، ولتذكر دخول القوات التركية مع الفصائل السورية الأخرى إلى المنطقة، نشأت ظروف مأساوية نتيجة لهذه العملية. تركيا تُعد دولة احتلال، وجميع مبرراتها لهذه العمليات واهية، إذ لم يحدث أي خرق أو اعتداء على الأراضي التركية من منطقة تل أبيض.
دولة الاحتلال أطلقت يد الفصائل في المنطقة وتركتها تفسد وتقوم بانتهاكات دون أي محاسبة أو وجود قانون يحكم أفعالها. كان التهجير القسري أول الانتهاكات التي ترافقت مع عملية “نبع السلام”، حيث نزح آلاف العائلات باتجاه الرقة ويعيشون الآن في ظروف قاسية، خاصة داخل المخيمات. السكان يعيشون في حالة من الخوف والقلق تجاه المستقبل، إذ لا يعرفون إذا كان هناك اهتمام دولي بخصوص عودتهم إلى منازلهم أم لا.
من الانتهاكات الأخرى التي تقوم بها الفصائل، التقاتل فيما بينها، والذي أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين، مما يعكس خطورة الفوضى المنتشرة في المنطقة. إضافة إلى ذلك، تعتقل هذه الفصائل المدنيين تعسفيًا دون أي دليل أو مسوغ قانوني، ودون وجود دعاوى قضائية أو محاكم رسمية. كما تمارس الفصائل عمليات الخطف بغرض طلب فدية مالية لإطلاق سراح المختطفين.
الظروف القاسية في المنطقة ناتجة عن حالة الخوف والقلق بسبب انعدام الأمن والسلام. هذا الوضع الأمني المتدهور يجعل الحياة بالنسبة للسكان بمثابة كابوس، والكثير منهم يفضلون الهروب باتجاه المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية إذا ما أتيحت الفرصة.
التهم الموجهة للمعتقلين تتعلق بالاعتداء على الأمن القومي التركي أو بالتعامل مع النظام أو الإدارة الذاتية. إلى جانب ذلك، يسود انتشار السلاح في المنطقة، مما أدى إلى ارتفاع مستويات الجريمة المنظمة، فضلاً عن التجارة بالمخدرات، مع تنافس الفصائل على المكاسب والمغانم، وغالبًا ما يكون الضحايا من المدنيين.
باعتبار تركيا دولة احتلال، فهي ملزمة قانونيًا بحماية المواطنين، وتعزيز الأمن لهم، وحماية ممتلكاتهم، وتقديم الخدمات الأساسية لتمكينهم من عيش حياة مقبولة. ولكن في الواقع، تُغض تركيا والفصائل المتواجدة في المنطقة النظر عن هذه الالتزامات، وتواصل ارتكاب انتهاكات خطيرة لأنها تشعر بالأمان من العقاب وانعدام المساءلة.
هذا الوضع أدى إلى تفاقم مخاوف المواطنين في تلك المنطقة بشأن المستقبل، خاصة فيما يتعلق بتقديم الخدمات الأساسية وانتهاكات حقوق الإنسان. تركيا، بدلًا من حماية سكان تل أبيض، تقوم بتهجيرهم إلى أعزاز، وتجلب لاجئين من أعزاز إلى تل أبيض، مما يشير إلى عملية تغيير ديموغرافي كبيرة قد تؤدي إلى تفاقم الانقسامات الاجتماعية وتزايد احتمالات الاقتتال الأهلي.
من المهم الإشارة إلى أن الوضع في هذه المنطقة لا يمكن فصله عن الوضع العام في سوريا، ما يبرز الحاجة إلى اهتمام دولي أكبر.
د. ايمي هولمز: استاذة باحثة في كلية إليوت للشؤون الدولية بجامعة واشنطن
النقطة الأولى: كان يجب علينا أن نمنع عملية “نبع السلام”. عندما أعلن أردوغان عن هذه العملية، حمل خريطة لسوريا في جلسة الجمعية العامة وأشار إلى المناطق التي يرغب في غزوها واحتلالها. وكان معروفًا علنًا أنه ينوي تنفيذ هذا الغزو، كما نفذ عملية مماثلة في عفرين عام 2018. لذلك، كان من المفترض أن تكون الولايات المتحدة وشركاؤها مستعدين لمواجهة هذه العملية ومنعها. لكن التدخل وقع بالفعل بعد اتصال هاتفي بين أردوغان والرئيس السابق دونالد ترامب. الجدير بالذكر أن ترامب لم يستشر مستشاريه، بما في ذلك مستشار الأمن القومي أو وزارة الدفاع أو الخارجية، بخصوص قرار سحب القوات الأمريكية. وهذا يُظهر افتقار التنسيق بين الرئيس ترامب ومستشاريه البارزين في تلك الفترة.
النقطة الثانية: التدخل التركي استند إلى حملة تضليل ومعلومات مضللة، حيث أن المبررات التي قدمها أردوغان لم تكن دقيقة فيما يتعلق بما كان يحدث على الحدود في رأس العين وتل أبيض. في الولايات المتحدة، كان هذا الموضوع يُناقش في سياق التضليل، وكان من الضروري فهم اللغة والخطاب التركيين في ذلك الوقت ومدى ارتباطهما بالمعلومات المضللة. أجريت تحليلات لعدد كبير من البيانات، وتم توثيق نحو 4000 واقعة بمشروع ACLID. وعلى الرغم من أن الهجمات عبر الحدود من سوريا نحو تركيا لم تُسجل، فإن بعض الهجمات وقعت بعد الاعتداء التركي، وبالتالي يمكن اعتبارها دفاعًا عن النفس.
النقطة الثالثة: المسؤولون الأمريكيون عقب العملية التركية وصفوا هذا التدخل بأنه غير ضروري ووصفوه بأنه تدخل أحادي الجانب، وكان من بين أبرز الأصوات السفير روبرت، المسؤول عن سوريا في ذلك الوقت. أصدر مذكرة وصف فيها التدخل بأنه كارثي، وتحدث المسؤولون الأمريكيون عن الظروف السيئة والآثار السلبية التي نتجت عنه.
النقطة الرابعة: بعد خمس سنوات من عملية “نبع السلام”، يشهد النزاع السوري تحولًا جديدًا، حيث يسعى الرئيس التركي إلى تطبيع علاقاته مع النظام السوري، ونرى تحولًا نحو التوافق مع المواقف الروسية والإيرانية. في الوقت نفسه، تقلص الاهتمام الروسي والإيراني بسوريا بسبب الانشغال بالنزاعات الأخرى. وهذا يشكل فرصة للولايات المتحدة لإعادة النظر في أولوياتها والعمل على إيجاد حل للنزاع السوري. علاوة على ذلك، التوترات المستمرة بين قسد وتركيا لم تحظ بالاهتمام الكافي في الآونة الأخيرة.
أخيرًا، ما تقوم به تركيا، بما في ذلك تدمير البنية التحتية في سوريا واستخدام الطائرات المسيرة، يفاقم من النزوح المستمر ويقوض مزاعمها بخصوص إعادة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم. لذلك، يبدو أن تصرفات تركيا لا تخدم مصالحها إذا كانت تسعى إلى تقليص عدد اللاجئين السوريين على أراضيها. هناك سبل لإيجاد حل للنزاع السوري، لكن قد لا تكون مرضية تمامًا لتركيا أو للاجئين أو للإدارة الذاتية. يجب ممارسة المزيد من الضغوط لتخفيف التوترات، وإذا لم تتحرك الولايات المتحدة لتولي زمام المبادرة كوسيط، فإن روسيا قد تتولى هذا الدور، وهو أمر لا يصب في مصلحة الولايات المتحدة. لذلك، يجب على أمريكا العمل مع تركيا، شريكتها في الناتو، لإيجاد حل يرضي الطرفين.
هبة زيادين: باحثة أولى – منظمة هيومن رايتس ووتش
اليوم، وبعد مرور عدة سنوات على عملية “نبع السلام”، لا تزال تركيا تحتفظ بسيطرة مباشرة على المنطقة عبر قواتها المسلحة واستخباراتها، ولديها العديد من النقاط العسكرية داخل سوريا. كما تسيطر تركيا على “الجيش الوطني السوري”، حيث تقدم له الرواتب، التدريب، والدعم اللوجستي. بالإضافة إلى ذلك، تدير تركيا هذه المناطق بشكل مباشر.
سأشارك بعض التفاصيل من تقرير منظمة العفو الأخير الذي وثّق الانتهاكات في تلك المنطقة. يتناول التقرير وضع النازحين داخلياً نتيجة الغزو التركي، وزيادة عمليات الترحيل القسري من تركيا إلى منطقة تل أبيض، رغم أنها غير آمنة وغير مناسبة لعودة النازحين. ويفصّل التقرير حالات الترحيل العشوائي للاجئين السوريين من تركيا إلى ما تسميه تركيا “المناطق الآمنة” على الحدود السورية-التركية.
في تقريرنا، بعنوان “الآن كل شيء تحت تهديد السلاح”، نقلنا شهادة شخص قضى ثلاث سنوات في رأس العين المحتلة من قبل تركيا، قبل أن يُجبر على المغادرة ويصبح نازحاً داخلياً في شمال شرق سوريا. يوثق التقرير الانتهاكات المرتكبة من قبل الفصائل المدعومة من تركيا، بما في ذلك الاختطاف، الاعتقال التعسفي، العنف الجنسي، إلى جانب مشاركة عناصر الجيش والاستخبارات التركية في هذه الانتهاكات. كما يتناول التقرير انتهاكات حقوق الأراضي والممتلكات، بما في ذلك السرقة والمصادرة، وفشل تركيا في تحقيق أي مساءلة للحد من الانتهاكات أو تقديم تعويضات للضحايا.
الخلاصة التي توصلنا إليها هي أن تركيا مسؤولة عن الانتهاكات في سوريا، بما في ذلك جرائم الحرب المحتملة التي ارتكبتها الفصائل المدعومة من تركيا، وكذلك الجيش التركي نفسه. باعتبارها قوة احتلال، تركيا ملزمة قانونياً بحماية السلام والأمن ومنع الانتهاكات، لكنها لم تقم بأي من ذلك، ولم تحمي حقوق الملكية أو تهيئ ظروفاً مناسبة لعودة النازحين.
كما درسنا بنية “الجيش الوطني السوري” الذي يخضع للسيطرة التركية، ووجدنا أن معظم الانتهاكات كانت موجهة ضد السكان الكرد الذين يُنظر إليهم على أنهم موالون لقوات سوريا الديمقراطية، وقد تمت ملاحقتهم بناءً على اتهامات دون أدلة. وثّقنا حالات ابتزاز واختطاف، حيث أُطلق سراح الأشخاص بعد دفع فدية للفصائل التي خطفتهم.
أخيراً، تناولنا أزمة النزوح التي سبّبها الغزو، والأوضاع الصعبة في المخيمات المزدحمة التي تعاني من نقص الخدمات. كما تحدثنا عن عمليات الترحيل من تركيا إلى تل أبيض، حيث تم ترحيل أشخاص لا تربطهم أي صلة بالمنطقة، وهم يحاولون العودة إلى تركيا أو التنقل بطرق غير شرعية داخل سوريا.
أما بالنسبة للمساعدات الإنسانية، فهي نادرة في المناطق التي تحتلها تركيا. ترفض السلطات التركية تسهيل وصول المراقبين المستقلين للاطلاع على الأوضاع في السجون والمعتقلات. وعلى الرغم من وجود عدد محدود من المهام الإنسانية، إلا أنها لا تشمل رأس العين أو تل أبيض. دعونا السلطات التركية للتعامل بمسؤولية مع هذه القضايا، لكنها لم تستجب أو تتعاون معنا، ونحن مستمرون في التواصل لتقديم توصيات وإجراءات لوقف انتهاكات حقوق الإنسان ومساءلة الفصائل وقوات الجيش التركي.
رابطة دار لضحايا التهجير القسري ( DAR )