جلسة حوارية في القامشلي تسلط الضوء على ”المخيمات غير المعترف بها” وحقوق المهجرين
تقارير وبيانات
7/30/2024


عقدت رابطة دار لضحايا التهجير القسري DAR )) بتاريخ 30 تموز/يوليو، جلسة حوارية في مكتبها بمدينة القامشلي بعنوان (المخيمات غير المعترف بها: مهجرون بلا حقوق). شارك في الجلسة مجموعة من المنظمات المدنية ووسائل الإعلام المحلية، إضافة إلى شخصيات أكاديمية وحقوقية مهتمة بقضايا التهجير القسري.
تركز النقاش على مسألة عدم اعتراف الأمم المتحدة بالمخيمات ومراكز الإيواء، وتأثير هذا الوضع على حياة المهجرين/ات قسراً، والتحديات التي يواجهها سكان تلك المخيمات. كما تطرّق النقاش إلى دور منظمات المجتمع المدني في تقديم الخدمات للعائلات المهجرة، حيث قام فريق الرابطة بإعداد المادة الأولية للجلسة التي تم إدارتها من قبل المحامي محمود عمر، والإعلامية شيرين إبراهيم مديرة مكتب الرابطة ومديرة مشاريعها.
وقبل بدء الجلسة والمناقشات تحدث المدير التنفيذي للرابطة محي الدين عيسو عن برامج وأهداف ومشاريع الرابطة، والغرض من عقد هذه الجلسة. مؤكداً على ضرورة التواصل مع المنظمات الدولية وهيئات الأمم المتحدة بهدف خدمة المهجرين/ات قسراً وإعادتهم عودة آمنة وطوعية وكريمة إلى مدنهم وقراهم برعاية أممية.
وفي سياق النقاش أشار الصحفي عبد الحليم سليمان في بداية مداخلته إلى ”صعوبة الاستجابة المحلية للأزمة الانسانية التي خلفها الاحتلال التركي لمدن عفرين، سري كانيه/رأس العين، تل أبيض، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في مدن المنطقة. حيث أكد سليمان أن أعداد المخيمات غير المعترف بها في الرقة ودير الزور وريفيهما تصل إلى حوالي ”خمسة وخمسين مخيماً”.
وفي الوقت الذي تتنصل فيه مؤسسات الأمم المتحدة من واجباتها، يواجه قاطنو/ات المخيمات مشاكل قانونية، وصحية، واجتماعية، واقتصادية. من جانبها لا تكف الحكومة السورية عن ممارسة الضغط على ممثلي الوكالات الانسانية لتقديم الخدمات والرعاية لمراكز الإيواء الواقعة تحت سيطرتها فقط، وعدم الاستجابة للأزمة الانسانية في المخيمات لا سيما مخيمي ”واشوكاني” و”الطلائع”. إلى ذلك نوّه سليمان على أهمية الرصد والتوثيق كوسيلة للضغط لأجل تأمين الرعاية الأممية للمخيمات في شمال شرقي سوريا.
بدورها عزت ستير قاسم، المتحدثة باسم ”شبكة قائدات السلام”، عدم الاعتراف الأممي بالمخيمات إلى عدم رغبة الدول الحليفة لتركيا بالاعتراف باحتلال الأخيرة لمدن شمال شرقي سوريا، وتبعات الاحتلال، ذلك أن الاعتراف تترتب عليه مسؤوليات مادية بحسب ستير.
من جانبه تحدّث ممثل ”رابطة تآزر للضحايا”، أورهان كمال، عن وجود سبعة عشر مخيماً في شمال شرقي سوريا،إذ تحظى خمسة منها بدعم واعتراف من وكالات دولية غير حكومية، مشيراً إلى أن مخيمات ”أبو خشب” في دير الزور، و”تل السمن” في الرقة، ”وواشوكاني” و”الطلائع” في الحسكة، غير معترف بها ولا تحظى بدعم يكفل لها تحسين جودة خدماتها. كما انتقد كمال قرار سحب إدارة مخيمي الطلائع وواشوكاني من يد أبناء سري كانيه/ رأس العين. وفي رؤيته لمجمل ما يجري فيما خص أحوال المخيّمات أشار ممثل الرابطة إلى أن ما يجري هو”تسييس للأزمة الانسانية”.
ممثلة منصة نيكستوري (Next Story) الإعلامية، آريا حاجي، انتقدت أداء الإعلام المحلي في ضعف تغطيته لحجم المعاناة الانسانية لقاطني المخيمات. واصفة التغطية بأنها ”هشة”.كما أشارت حاجي إلى عدم قيام الإعلام بدوره في تشكيل رأي عام تجاه معاناة المهجرين، ما يتسبب بفقدان ثقة الجمهور بمصداقية العمل الإعلامي.
كما تحدثت هلز عبد العزيز من منظمة انسايت INSIGHT) ) لرصد وتوثيق الانتهاكات، عن وجود ما يقارب ”واحداً وثمانين مخيماً” في شمال شرقي سوريا تترواح بين مخيّم يمكن وصفها بالعشوائي وغير العشوائي (منظّم). إلى ذلك تطرّقت إلى وجود انتهاكات عديدة تحصل داخل المخيمات بسبب تقصير الوكالات الأممية الانسانية في تقديم الرعاية الصحية.
وقال ممثل جمعية ليلون للضحايا، وليد بكر، إن الحكومة السورية تقوم بمنع وصول المساعدات إلى المخيمات المتواجدة في ريف حلب، مثل مخيم الشهباء.
أما الحقوقي زكي حجي فتحدث عن عدم قيام مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في القامشلي بمهامه، مشيراً إلى إهدار أموال كبيرة لاستئجار مكتبه في سبيل تقديم الخدمات إلى أعداد قليلة من اللاجئين العراقيين المتواجدين في المنطقة منذ أكثر من عشر سنوات. وأبدى زكي امتعاضه من عدم استجابة هذا المكتب للأزمة الانسانية للمهجرين والنازحين المتواجدين في المنطقة. كما حمّل الحكومة السورية والتدخلات التركية مسؤولية عدم الاعتراف بالمخيمات.
فيما أشارت فايزة يوسف، ممثلة منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إلى أن الغاية من إقامة مخيم ما، هو توفير الأمان لقاطنيه، وهذا الهدف غير محقق في شمال شرقي سوريا. وبحسب يوسف فإن المصالح السياسية تحول دون قيام وكالات الأمم المتحدة بواجباتها الانسانية، كما تطرّقت إلى أهمية التوثيق والتغطية الاعلامية لسوء الخدمات داخل المخيمات.
الاعلامي في راديو سورويو، آرام سركيس، تحدث عن المصاعب والتحديات التي يواجهها الإعلاميون والعاملون في المنظمات غير الحكومية المحلية خلال عمليات الاحصاء والرصد والتوثيق، بسبب عدم تعاون إدارات المخيمات معهم، وصعوبة الحصول على الموافقات من جهات متعددة، الأمر الذي يقلص حجم التغطية الاعلامية لواقع المخيمات المزري ويقف عائقاً أمام تقييم الاحتياجات داخلها.
أما الصحفي ميلاد كوركيس، فقد ربط قضية عدم الاعتراف الأممي بالمخيمات، بمسألة عدم الاعتراف السياسي بالإدارة الذاتية. مشيراً إلى ضرورة التوجه إلى الدول الحليفة للإدارة الذاتية ولقوات سوريا الديمقراطية لتقدم الدعم اللازم للمهجرين قسراً.
خلال مجريات الجلسة تم تسليط الضوء على عدة قضايا أساسية، من بينها:
التحديات القانونية والإدارية
عدم اعتراف الأمم المتحدة بالمخيمات، موضوع النقاش، يؤدّي إلى حرمانها من الدعم الدولي والمساعدات الإنسانية الضرورية، وما يتبع ذلك من وضع قاطنيها في حالة صعبة، إذ تفتقر تلك المخيمات إلى الاحتياجات الأساسية كالمياه النظيفة، والغذاء، والرعاية الصحية.
دور منظمات المجتمع المدني
على الرغم من غياب الاعتراف الرسمي، تلعب منظمات المجتمع المدني دوراً حيوياً في تقديم الدعم والخدمات لسكان المخيمات. تشمل هذه الخدمات تقديم التعليم غير الرسمي للأطفال، وتوفير الرعاية الصحية الأولية، وتوزيع المواد الغذائية.
الآثار النفسية والاجتماعية
ناقش المشاركون التأثير النفسي والاجتماعي على المهجرين الذين يعيشون في ظروف غير مستقرة نتيجة عدم الاعتراف بحالتهم الراهنة كمهجّرين/ات قسرياً، وكيف يؤثر ذلك على صحتهم النفسية وشعورهم بالأمان.
الدعوة لاعتراف دولي
أكّد المشاركون/ات على أهمية الدعوة لاعتراف دولي بهذه المخيمات من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لضمان حقوق المهجرين وتوفير الاحتياجات الرئيسية والدعم اللازم لهم.
التوصيات
إلى وكالات الأمم المتحدة والهيئات الأممية
– تعزيز الجهود الدولية للاعتراف بالمخيمات غير المعترف بها وضمان حصولها على الدعم اللازم من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
– تهيئة الظروف المناسبة لعودة المهجّرين قسراً تحت رقابة ومتابعة وكالات الأمم المتحدة، والضغط على الحكومة التركية والفصائل المسلحة الموالية لها، لوقف سياسات الإحلال السكاني والتغيير الديمغرافي وسلب ممتلكات المواطنين المهجرين.
– يتعيّن على وكالات الأمم المتحدة الضغط على حكومة دمشق للسماح لوكالاتها بالعمل ضمن مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وتنفيذ علمياتها في مخيمات ومراكز النزوح، دون أن تتعرض لتهديد حكومة دمشق بوقف التعاون مع وكالاتها ووقف برامجها. وأيضاً، وجوب تضمين المهجّرين/ات من المناطق التي سيطرت عليها تركيا والفصائل في برامج الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، وتقديم الخدمات في المخيمات ومراكز النزوح لاسيما للفئات الأكثر ضعفاً (النساء والأطفال والمرضى).
إلى الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا
باعتبارها السلطة التي تدير معظم مناطق شمال شرقي سوريا، وتقع ضمن مناطقها العشرات من مراكز ومخيمات المهجرين قسراً، ينبغي على الإدارة الذاتية أن تقوم بتحسين ظروف المخيّمات عبر توسيع التواصل والتشبيك مع المنظّمات والوكالات الأممية ذات الصلّة، والسعي لإدخال المخيمات في برامج الأمم المتحدة الإنمائية والإغاثية.
إلى الأطراف الدولية: الاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والولايات المتحدة
باعتبارها أطراف ضامنة، يتعيّن عليها أن تتخذ الإجراءات اللازمة لدعم مسار العودة الطوعية والآمنة لجميع النازحين السوريين وخصوصاً في مناطق شمال وشرق سوريا، حيث تهدّد سياسات التغيير الديمغرافي السلم الأهلي في المنطقة، وبالتالي وجوب ضغط هذه الأطراف على حلفائهم في الأزمة السورية للتعاون من أجل إيجاد حلول عاجلة لمشاكل النازحين.
رابطة دار لضحايا التهجير القسري ( DAR )
30 تموز/يوليو 2024