أصوات مختنقة على شفا الحياة
دراسات وتحقيقات
10/6/2024


مأساة مرضى السرطان في مخيمي سري كانييه وواشوكاني
دراسة تحليلية
رابطة دار لضحايا التهجير القسري ( DAR )
الملخص التنفيذي
يواجه المهجرون/ات قسرًا في مخيمي سري كانيه وواشوكاني أوضاعًا إنسانية وصحية بالغة الصعوبة منذ تهجيرهم جراء العدوان العسكري التركي عام 2019. يركز هذا التقرير حول تقييم أوضاع مرضى السرطان في المخيمين، الذين يعانون من نقص شديد في الرعاية الصحية، ويفتقرون إلى العلاج المناسب، ويعيشون في بيئة لا تتوفر فيها الحدود الدنيا للاحتياجات الإنسانية. رغم الجهود المحدودة التي تبذلها بعض المنظمات الإنسانية، فإن الأوضاع الصحية في المخيمات تتدهور بشكل مستمر، خاصة بعد انسحاب "منظمة الصحة العالمية" والعديد من المنظمات الأخرى من تقديم المساعدات اللازمة.
رابطة دار لضحايا التهجير القسري وثقت حالات مرضى السرطان في المخيمات الواقعة في شمال شرقي سوريا (سري كانييه، واشوكاني). وفقًا للتقرير، تمكنت الرابطة من الوصول إلى 54 حالة من مرضى السرطان المتواجدين في المخيمين، وأجرت مقابلات معمقة معهم\ن لتسليط الضوء على أوضاعهم\ن الصحية. هذه الحالات تعكس جزءًا من مئات المرضى المنتشرين في مخيمات النزوح، ومراكز الإيواء، وحتى ضمن المدن الرئيسية في شمال شرق سوريا.
هذه الحالات المرضية بحاجة ماسة إلى دعم طبي مستمر، نظرًا للظروف الصعبة التي يعيشها السكان في هذه المخيمات ومراكز الإيواء وضمن المدن، والتي تفاقم من معاناتهم الصحية نتيجة نقص الموارد والخدمات الطبية الأساسية.
يمكن أن تساهم الرابطة من خلال توثيق تلك الحالات في توجيه الرأي العام المحلي أو الدولي لتوفير العلاج والرعاية اللازمة لمرضى السرطان وغيرهم من المصابين بأمراض مزمنة أو خطيرة.
الظروف المعيشية و الصحية المتدهورة
تعيش آلاف الأسر في مخيمي سري كانيه وواشوكاني في خيام غير مجهزة تواجههم فيها الظروف الجوية القاسية، مع افتقار شديد للمياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي. التلوث البيئي الناتج عن العمليات العسكرية وتدهور البيئة المحيطة بالمخيمات قد ساهم في انتشار الأمراض المزمنة، وأبرزها مرض السرطان، حيث بلغ عدد حالات السرطان المحققة في المخيمين 54 حالة معلنة، وهو رقم مرشح للارتفاع بسبب غياب الفحص المبكر ونقص الموارد الطبية، والخدمات التي تقدمها المنظمات المحلية والدولية.
لا تتوفر في المخيّمات الأدوية والعلاجات اللازمة للمرضى، خاصة للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السرطان. يعتمد المرضى على مساعدة محدودة من المنظمات الإنسانية، وتضطر العديد من الأسر إلى إرسال مرضاها إلى مستشفيات العاصمة دمشق أو محافظات أخرى بعيدة، مما يثقل كاهلها ماليًا ويعرض المرضى لمزيد من المعاناة الجسدية والنفسية.
استجابة المرضى للعلاج: رحلة معاناة بلا نهاية
تشير نتائج التحليلات إلى أن المرضى يواجهون تحديات هائلة في الحصول على العلاج، حيث أن معظم المرضى لا يتلقون العلاج الكيميائي والإشعاعي بانتظام بسبب غياب الموارد الطبية والدعم المالي. بعض المرضى مثل زهرة عباس، التي تعاني من سرطان الثدي، تعتمد بشكل كامل على دعم الأقارب لتغطية تكاليف العلاج الباهظة في دمشق، وهي حالة تتكرر بين العديد من المرضى:"الأدوية غالية جدًا، ولا يمكنني التوقف عن العلاج. خرجت من منزلي بسبب الحرب، وأتمنى أن أعود وأموت في منزلي."
محمد علي عبدالله، رب أسرة تقيم في المخيم، يواجه هو الآخر صعوبات لا تقل خطورة، حيث يتطلب علاج أطفاله المعاقين علاجات خاصة وأدوية يصعب تأمينها. يقول محمد: "الوضع هنا متعب جدًا. لا أستطيع توفير الأدوية أو حتى الحفاضات لأطفالي المعاقين."
تدهور الأوضاع بعد انسحاب المنظمات الإنسانية
شهد الوضع الصحي تدهورًا ملحوظًا بعد انسحاب منظمة الصحة العالمية من المخيمات في نيسان/إبريل 2023، مما أثر بشكل مباشر على توفر العلاجات الأساسية للأطفال والمرضى، خاصة من يعانون من سوء التغذية والأمراض المزمنة. دلاور محمد علي، أحد العاملين في القطاع الصحي في المخيم، يوضح أن انسحاب المنظمة أدى إلى تفاقم معاناة المرضى، حيث يقول: "لدينا 27 حالة سرطان تعاني من صعوبات كبيرة في الحصول على العلاج، حيث يتم علاجهم على نفقتهم الخاصة. الوضع الصحي في المخيمات صعب جدًا، والتكاليف مرتفعة للغاية."
رغم محاولة بعض المنظمات الإنسانية مثل الهلال الأحمر الكردي وNRC تقديم المساعدة، إلا أن تلك الجهود محدودة ولا تلبي الاحتياجات المتزايدة للمرضى الذين يحتاجون إلى علاج مستمر.
شهادات المرضى: قصص معاناة وتحدي
يقدم هذا التقرير شهادات مأساوية من داخل المخيمات، مثل حالة بيريفان، التي كانت تعاني من سرطان عنق الرحم، وخضعت لعدة عمليات جراحية دون أي تحسن في حالتها الصحية. والدتها، عيشا الخطيب، تحدثت عن معاناة ابنتها حتى وفاتها أثناء إعداد هذه الدراسة: "ابنتي كانت بحاجة إلى العناية الدائمة، لكنها لم تلقَ أي دعم. لقد فقدت حياتها بينما كنا ننتظر المساعدة التي لم تصل."
أما ابتهال أحمد، التي تعيش مع والدتها المصابة بالفشل الكلوي، تؤكد على غياب الخدمات الصحية في المخيم، قائلة: "لا يوجد حتى إسعافات أولية في المخيم. نعيش في ظروف قاسية، الخيام لا تحمينا من الحر أو البرد، والمساعدات معدومة."
الانتهاكات الحقوقية: حرمان من الرعاية والتهميش
بناءً على التحليل القانوني، يتعرض مرضى الأمراض المستعصية في المخيمات لعدة انتهاكات حقوقية، أبرزها الحرمان من الرعاية الصحية المناسبة والتقصير في تقديم الخدمات الطبية. وفقًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يحق لكل إنسان الحصول على أعلى مستوى ممكن من الرعاية الصحية، وهو ما يُحرم منه مرضى السرطان في المخيمات. كما يشير العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية إلى "الحق في الحياة" الذي يُنتهك بشكل مستمر عندما يُحرم المرضى من العلاج ويعرض حياتهم للخطر.
التوصيات:
لتخفيف معاناة مرضى السرطان والمهجرين قسرًا في مخيمي سري كانيه وواشوكاني، تقدم رابطة دار لضحايا التهجير القسري ( DAR ) مجموعة من التوصيات إلى السلطات المحلية والمنظمات الدولية، منها:
● تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية من خلال توفير مراكز طبية متخصصة داخل المخيمات، وضمان نقل المرضى إلى مستشفيات متقدمة بشكل مجاني.
● توفير الأدوية والعلاجات الضرورية لمرضى السرطان، وضمان استدامة هذه الخدمات من خلال تعاون السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية.
● تحسين الظروف المعيشية في المخيمات من خلال توفير مياه نظيفة وخدمات صرف صحي مناسبة، بالإضافة إلى تحسين السكن لتوفير حماية أفضل من الظروف المناخية القاسية.
● تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للمرضى وأسرهم، من خلال إنشاء برامج دعم نفسي متخصصة تقدم العون للمصابين وأسرهم.
أصوات مختنقة على شفا الحياة
مأساة مرضى السرطان في مخيمي سري كانييه وواشوكاني
رابطة دار لضحايا التهجير القسري ( DAR )
اعداد الباحث
د.غـ عباس
المساهمون:
شيرين إبراهيم
دلشا أيو
البحث الميداني:
إيفا أمين
أحمد إسماعيل
رودي أيو
الاشراف العام:
محي الدين عيسو
لقراءة الدراسة كاملة يرجى الضغط على ملف PDF